اسم الکتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل المؤلف : البيضاوي، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 152
اللَّهِ
بحكمه وتيسيره، وكَمْ تحتمل الخبر والاستفهام، ومَنْ مبينة أو مزيدة. والفئة الفرقة من الناس من فأوت رأسه إذا شققته، أو من فاء رجع فوزنها فعة أو فلة. وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ. بالنصر والإثابة.
[سورة البقرة (2) : الآيات 250 الى 251]
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (251)
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ أي ظهروا لهم ودنوا منهم. قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ التجؤوا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، وفيه ترتيب بليغ إذ سألوا أولاً إفراغ الصبر في قلوبهم الذي هو ملاك الأمر، ثم ثبات القدم في مداحض الحرب المسبب عنه، ثم النصر على العدو المترتب عليهما غالباً.
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فكسروهم بنصره، أو مصاحبين لنصره إياهم إجابة لدعائهم. وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ قيل: كان إيشا في عسكر طالوت معه ستة من بنيه، وكان داود سابعهم وكان صغيراً يرعى الغنم، فأوحى الله إلى نبيهم أنه الذي يقتل جالوت فطلبه من أبيه فجاء وقد كلمه في الطريق ثلاثة أحجار وقالت له: إنك بنا تقتل جالوت، فحملها في مخلاته ورماه بها فقتله ثم زوجه طالوت بنته. وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ أي ملك بني إسرائيل ولم يجتمعوا قبل داود على ملك. وَالْحِكْمَةَ أي النبوة. وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ كالسرد وكلام الدواب والطير. وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ولولا أنه سبحانه وتعالى يدفع بعض الناس ببعض وينصر المسلمين على الكفار ويكف بهم فسادهم، لغلبوا وأفسدوا في الأرض، أو لفسدت الأرض بشؤمهم. وقرأ نافع هنا وفي الحج «دفاع الله» .
[سورة البقرة (2) : آية 252]
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ إشارة إلى ما قص من حديث الألوف وتمليك طالوت وإتيان التابوت وانهزام الجبابرة وقتل داودُ جالوت نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ بالوجه المطابق الذي لا يشك فيه أهل الكتاب وأرباب التواريخ.
وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ لما أخبرت بها من غير تعرف واستماع.
[سورة البقرة (2) : آية 253]
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)
تِلْكَ الرُّسُلُ إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة، أو المعلومة للرسول صلّى الله عليه وسلّم، أو جماعة الرسل واللام للاستغراق. فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره. مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ تفضيل له، وهو موسى عليه الصلاة والسلام. وقيل: موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، كلم الله موسى ليلة الحيرة وفي الطور، ومحمدا عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج حين كان قاب قوسين أو أدنى وبينهما بون بعيد، وقرئ «كَلمَ الله» و «كالم الله» بالنصب، فإنه كلم الله كما أن الله كلمه ولذلك قيل كليم الله بمعنى مكالمه. وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ بأن فضله على غيره من وجوه متعددة، أو بمراتب متباعدة. وهو محمد
اسم الکتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل المؤلف : البيضاوي، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 152